فصل: ومن باب وطء السبايا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معالم السنن



.ومن باب حق المرأة على الزوج:

قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حَدَّثنا حماد قال أخبرنا أبو قزعة سويد بن حجر الباهلي عن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه قال: «قلت يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه، قال أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلاّ في البيت».
قال الشيخ في هذا إيجاب النفقة والكسوة لها وليس في ذلك حد معلوم، وإنما هو على المعروف وعلى قدر وسع الزوج وجِدته وإذا جعله النبي صلى الله عليه وسلم حقا لها فهو لازم للزوج حضر أو غاب وإن لم يجده في وقته كان دينًا عليه إلى أن يؤديه إليها كسائر الحقوق الواجبة، وسواء فرض لها القاضي عليه أيام غيبته أو لم يفرض.
وفي قوله: «ولا تضرب» الوجه دلالة على جواز الضرب على غير الوجه إلاّ أنه ضرب غير مبرح، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن ضرب الوجه نهيًا عامًا لا تضرب آدميًا ولا بهيمة على الوجه.
وقوله: «ولا تقبح» معناه لا يسمعها المكروه ولا يشتمها بأن يقول قبحك الله وما أشبهه من الكلام.
وقوله: «لا تهجر إلاّ في البيت» أي لا تهجرها إلاّ في المضجع ولا تتحول عنها أو تحولها إلى دار أخرى.

.ومن باب ما يؤمر به من غض البصر:

قال أبو داود: حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري قال أخبرنا شريك، عَن أبي ربيعة الإيادي عن ابن بريدة عن أبيه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليس لك الآخرة».
قال الشيخ النظرة الأولى إنما تكون له لا عليه إذا كانت فجأة من غير قصد أو تعمد وليس له أن يكرر النظر ثانية ولا له أن يتعمده بدءا كان أو عودا.
قال أبو داود: حدثنا محمد بن كثير، قال: حَدَّثنا سفيان، قال: حَدَّثنا يونس بن عبيد عن عمرو بن سعيد، عَن أبي زرعة عن جرير، قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فقال اصرف بصرك».
قال الشيخ ويروى اطرق بصرك حدثنا ابن الأعرابي، قال: حَدَّثنا علي بن عبد العزيز، قال: حَدَّثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن يونس بن عبيد عن عمر بن سعيد، عَن أبي زرعة عن جرير، قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فقال اطرق بصرك».
قال الشيخ الإطراق أن يقبل ببصره إلى صدره والصرف أن يقبله إلى الشق الآخر أو الناحية الأخرى.
قال أبو داود: حدثنا مسدد، قال: حَدَّثنا أبو عَوانة عن الأعمش، عَن أبي وائل، عَن أبي مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تباشر المرأة المرأة لتنعتها لزوجها كأنما ينظر إليها».
قال الشيخ فيه دلالة على أن الحيوان قد يضبط بالصفة ضبط حصر وإحالة واستدلوا به على جواز السلم في الحيوان.
قال أبو داود: حدثنا محمد بن عبيد، قال: حَدَّثنا أبو ثور عن معمر قال أخبرنا طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فزنا العينين النظر، وزنا اللسان النطق تمنّى وتشتهي والفرج يصدق ذلك ويكذبه».
قال الشيخ قوله أشبه باللمم يريد بذلك ما عفا الله عنه من صغائر الذنوب وهو معنى قوله تعالى: {الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلاّ اللمم} [الشورى: 37] وهو ما يلم به الإنسان من صغائر الذنوب التي لا يكاد يسلم منها إلاّ من عصمه الله تعالى وحفظه وإنما سمي النظر زنا والقول زنا لأنهما مقدمتان للزنا فإن البصر رائد واللسان خاطب والفرج مصدق للزنا ومحقق له بالفعل.
وفي قوله: «والفرج يصدق ذلك ويكذبه» مستدل لمن جعل المتلوط زانيًا يجلد أو يرجم كسائر الزناة وذلك أنه قد واقع الفرج بفرجه وهو صورة الزنا حقيقة.

.ومن باب وطء السبايا:

قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن عمر بن ميسرة، قال: حَدَّثنا يزيد بن زريع، قال: حَدَّثنا سعيد عن قتادة عن صالح بن أبي الخليل، عَن أبي علقمة الهاشمي، عَن أبي سعيد الخدري «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث يوم حنين بعثًا إلى أوطاس فلقوا العدو فقاتلوهم وظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا فكأن أناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين فأنزل الله في ذلك: {والمحصنات من النساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} [النساء: 24] أي فهن لهم حلال إذا انقضت عدتهن».
قال الشيخ المحصنات من النساء معناه المتزوجات، وفيه بيان أن الزوجين إذا سبيا معًا فقد وقعت الفرقة بينهما كما لو سبي أحدهما دون الآخر.
وإلى هذا ذهب مالك والشافعي وأبو ثور واحتجوا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم السبي، وأمر أن لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائض حتى تحيض، ولم يسأل عن ذات زوج وغيرها ولا عمن كانت سبيت منهن مع الزوج أو وحدها فدل أن الحكم في ذلك واحد.
وقال أبو حنيفة إذا سبيا جميعًا فهما على نكاحهما الأول وقال الأوزاعي ما كان في المقاسم فهما على نكاحهما فإن اشتراهما رجل فشاء أن يجمع بينهما جمع وإن شاء فرق بينهما واتخذها لنفسه بعد أن يستبرئها بحيضة.
وفي قوله: «إذا انقضت عدتهن» دليل على ثبوت أنكحة أهل الشرك ولولا ذلك لم يكن للعدة معنى.
وقد تأول ابن عباس الآية في الأمة يشتريها ولها زوج، فقال بيعها طلاقها وللمشتري اتخاذها لنفسه وهو خلاف أقاويل عامة العلماء، وحديث بريرة يدل على خلاف قوله.
قال أبو داود: حدثنا النفيلي، قال: حَدَّثنا مسكين، قال: حَدَّثنا شعبة عن يزيد بن خمير عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه، عَن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان في غزوة فرأى امرأة مُخجًا فقال لعل صاحبها ألمَّ بها قالوا نعم، قال لقد هممت أن ألعنه لعنة تدخل معه في قبره كيف يورثه وهو لا يحل له».
قال الشيخ المخج الحامل المقرب، وفيه بيان أن وطئ الحبالى من النساء لا يجوز حتى يضعن حملهن.
وقوله: «كيف يورثه وهو لا يحل له» أم كيف يستخدمه وهو لا يحل له، يريد أن ذلك الحمل قد يكون من زوجها المشرك فلا يحل له استلحاقه وتوريثه، وقد يكون منه إذا وطئها أن ينفش ما كان في الظاهر حملًا وتعلق من وطئه فلا يجوز له سبيه واستخدامه.
وفي هذا دليل على أنه لا يجوز استرقاق الولد بعد الوطء إذا كان وضع الحمل بعده بمدة تبلغ أدنى مدة الحمل وهو ستة أشهر.
قال أبو داود: حدثنا عمرو بن عون، قال: حَدَّثنا شريك عن قيس بن وهب، عَن أبي الودّاك، عَن أبي سعيد الخدري ورفعه «أنه صلى الله عليه وسلم قال في سبايا أوطاس لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة».
قال الشيخ فيه من الفقه أن السبي ينقض الملك المتقدم ويفسخ النكاح.
وفيه دليل على أن استحداث الملك يوجب الاستبراء في الإماء فلا توطأ ثيب ولا عذراء حتى تستبرئ بحيضة ويدخل في ذلك المكاتبة إذا عجزت فعادت إلى الملك المطلق؛ وكذلك من رجعت إلى ملكه بإقالة بعد البيع وسواء كانت الأمة مشتراة من رجل أو امرأة لأن العموم يأتي على ذلك أجمع.
وفي قوله: «حتى تحيض» دليل على أنه إذا اشتراها وهي حائض فإنه لا يعتد بتلك الحيضة حتى تستبرئ بحيضة مستأنفة.
وقد يستدل بهذا الحديث من يرى أن الحامل لا تحيض وأن الدم الذي ترام أيام حيضها غير محكوم له بحكم الحيض في ترك الصلاة والصيام، قال وذلك لأنه جعل الحيض دليل براءة الرحم فلو صح وجوده مع الحمل لانتقضت دلالته في الاستبراء ولم يكن للفرق الذي جاء في هذا الحديث بينهما معنى، وإلى هذا ذهب أصحاب الرأي.
وقال الشافعي الحامل تحيض وإذا رأت الدم المعتاد أمسكت عن الصلاة وإنما جعل الحيض في الحامل علمًا لبراءة الرحم من طريق الظاهر فإذا جاء ما هو أظهر منه وأقوى في الدلالة سقط اعتباره ويأمرها بأن تمسك عن الصلاة ولا تنقضي عدتها إلاّ بوضع الحمل، وذهب إلى أن وجود الدم لا يمنع من وجود الاعتداد بالحمل كما لم يمنع وجوده في المتوفى عنها زوجها من الاعتداد بالأربعة الأشهر والعشر.
قال أبو داود: حدثنا النفيلي، قال: حَدَّثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عَن أبي مرزوق عن حنش الصنعاني عن رويفع بن ثابت الأنصاري قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره، يَعني إتيان الحبالى».
قال الشيخ شبه صلى الله عليه وسلم الولد إذا علق بالرحم بالزرع إذا نبت ورسخ في الأرض وفيه كراهة وطء الحبلى إذا كان الحبل من غير الواطئ على الوجوه كلها، وقد يستدل به من يرى إلحاق الولد بالواطئين إذا كان ذلك منهما، وقالوا قد شبه النبي صلى الله عليه وسلم الولد بالزرع أي كما يزيد الماء في الزرع كذلك يزيد المني في الولد.
قال الشيخ وهذا تشبيه علي معنى التقريب وهو في قوله: «زرع غيره» قطع إضافة ملك الزرع عن الساقي وإثباته لرب الزرع وهو الزارع فقياسه في التشبيه به أن لا يكون الولد لهما جميعًا وإنما يكون لأحدهما.

.ومن باب جامع النكاح:

قال أبو داود: حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ قال: حدثني محمد بن يونس بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد عن ابن عباس قال إن ابن عمر والله يغفر له. أوهم إنما كان هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب وكانوا يرون لهم فضلًا عليهم في العلم فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم، وكان من أمر أهل الكتاب أن لا يأتوا النساء إلاّ على حرف واحد، وذلك أستر ما تكون المرأة فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم، وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شريحًا منكرًا ويتلذذون منهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار فذهب يصنع بها ذلك فأنكرته عليه وقالت إنما كنا نؤتى على حرف فأصنع ذلك وإلا فاجتنبني حتى شرى أمرهما فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} [البقرة: 223] أي مقبلات ومدبرات، يَعني بذلك موضع الولد.
قال الشيخ قوله أوهم ابن عمر هكذا وقع في الرواية والصواب وهم بغير ألف يقال وهم الرجل إذا غلط في الشيء، ووهم مفتوحة الهاء إذا ذهب وهمه إلى الشيء وأوهم بالألف إذا أسقط من قراءته أو كلامه شيئًا، ويشبه أن يكون قد بلغ ابن عباس عن ابن عمر في تأويل الآية شيء خلاف ما كان يذهب إليه ابن عباس.
وقوله يشرحون النساء أصل الشرح في اللغة البسط ومنه انشراح الصدر بالأمر وهو انفتاحه ومن هذا قولهم شرحت المسألة إذا فتحت المنغلق منها وبينت المشكل من معناها.
وقوله حتى شرى أمرهما أي ارتفع وعظم، وأصله من قولك شرى البرق إذا لج في اللمعان واستشرى الرجل إذا لج في الأمر.
وفيه بيان تحري إتيان النساء في أدبارهن مع ما جاء في النهي في ذلك في سائر الأخبار.

.ومن باب في إتيان الحائض:

قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حَدَّثنا حماد، قال: حَدَّثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك «أن اليهود كانت إذا حاضت منهم امرأة أخرجوها من البيت ولم يواكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيت فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله تعالى: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض} [البقرة: 222] إلى آخر الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم جامعوهن في البيوت واصنعوا كل شيء غير النكاح، فقالت اليهود ما يريد هذا الرجل أن يدع شيئًا من أمرنا إلا خالفنا فيه فجاء أُسيد بن حضير وعباد بن بشر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالا يا رسول الله إن اليهود تقول كذا وكذا أفلا ننكحهن في المحيض فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننا أنه قد وجد عليهما فخرجا فاستقبلتهما هدية من لبن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث في آثارهما فظننا أنه لم يجد عليهما».
معناه علمناه وذلك أنه لا يدعوهما إلى مجالسته ومواكلته إلاّ وهو غير واجد عليهما والظن يكون بمعنيين أحدهما بمعنى الحسبان والآخر بمعنى اليقين فكان اللفظ الأول منصرفًا إلى الحسبان والآخر إلى العلم وزوال الشك كقول دريد بن الصمة:
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج ** سراتهم بالفارسي المسردد

قال أبو داود: حدثنا محمد بن العلاء ومسدد قالا: حَدَّثنا حفص عن الشيباني عن عبد الله بن شداد عن خالته ميمونة بنت الحارث «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه وهي حائض أمرها أن تتزر ثم يباشرها».
قال الشيخ في هذا دليل على أن ما تحت الإزار من الحيض حمى لا يقرب، وإليه ذهب مالك بن أنس وأبو حنيفة وهو قول سعيد بن المسيب وشريح وعطاء وطاوس وقتادة.
ورخص بعضهم في إتيانها دون الفرج وهو قول عكرمة، وإلى نحو من هذا أشار الشافعي.
وقال إسحاق إن جامعها دون الفرج لم يكن به بأس، وقول أبي يوسف ومحمد قريب من ذلك.

.ومن باب في العزل:

قال أبو داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حَدَّثنا الفضل بن دُكين، قال: حَدَّثنا زهير، عَن أبي الزبير عن جابر، قال جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إن لي جارية أطوف عليها وأنا أكره أن تحمل، فقال أعزل عنها إن شئت فأنه سيأتيها ما قدر لها، قال فلبث الرجل ثم أتاه فقال إن الجارية قد حملت، قال قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها».
قال في هذا الحديث من العلم إباحة العزل عن الجواري، وقد رخص فيه غير واحد من الصحابة والتابعين وكرهه بعض الصحابة.
وروي عن ابن عباس أنه قال تستأمر الحرة في العزل ولا تستأمر الجارية وإليه ذهب أحمد بن حنبل.
وقال مالك لا يعزل عن الحرة إلاّ بإذنها ولا يعزل عن الجارية إذا كانت زوجة إلاّ بإذن أهلها ويعزل عن أمته بغير إذن.
وفي الحديث دلالة على أنه إذا أقر بوطء أمته وادعى العزل فإن الولد لاحق به إلاّ أن يدعي الاستبراء وهذا على قول من يرى الأمة فراشًا وإليه ذهب الشافعي.